عدد المساهمات : 352 تاريخ التسجيل : 18/08/2011 العمر : 31 الموقع : العراق\البصره
موضوع: سيره امهات خير البشر الائمه الاطهار عليهم السلام الجمعة أغسطس 26, 2011 12:55 pm
سيرة أمهات خير البشر الائمة الاطهار عليهم السلام ... ارجوا التثبيت للفائدة ________________________________________
السيدة شهر بانو أم الإمام زين العابدين (عليه السلام)
اسمها ونسبها السيّدة شهر بانو بنت يزدجر بن شهريار بن كسرى ملك الفرس ، ولقبها شاه زنان ، ومعناه ملكة النساء . سمّاها أمير المؤمنين (عليه السلام) مريم ، أو فاطمة ، أو شاه زنان ، واسمها خولة ، أو سلافة ، أو غزالة ، ولعلّ كانت لها عدّة أسماء وألقاب . جدّة الأئمّة السيّدة شهر بانو هي جدّة ثمان من الأئمّة (عليهم السلام) ، وزوجة سيّد شباب أهل الجنّة الإمام الحسين (عليه السلام) ، وأُمّ الإمام زين العابدين (عليه السلام) ، وحفيدة كسرى ملك الفرس . ولم يكن بعض أهل المدينة يرغبون في نكاح الجواري حتّى ولد الإمام زين العابدين (عليه السلام) فرغبوا فيهنّ ، وكان يُقال للإمام السجّاد (عليه السلام) ابن الخيرتين ، فخيرة الله من العرب هاشم ، ومن العجم فارس . زواجها من الإمام الحسين (عليه السلام) لمّا ورد سبي الفرس إلى المدينة أراد عمر بن الخطّاب بيع النساء ، وأن يجعل الرجال عبيداً ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال ( أكرموا كريم كلّ قوم )) . فقال عمر : قد سمعته يقول : (( إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه وإن خالفكم )) . فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : (( هؤلاء قوم قد ألقوا إليكم السلم ورغبوا في الإسلام ، ولابدّ أن يكون لي فيهم ذرّية ، وأنا أُشهد الله وأُشهدكم أنّي قد أعتقت نصيبي منهم لوجه الله )) . فقال عمر : قد وهبت لله ولك يا أبا الحسن ما يخصّني وسائر ما لم يوهب لك . فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : (( اللّهمّ اشهد على ما قالوه وعلى عتقي إيّاهم )) . فرغب جماعة من قريش في أن يستنكحوا النساء ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : (( هنّ لا يُكرهنَ على ذلك ، ولكن يخيّرنَ ما اخترنه عُمل به )) . فأشار جماعة إلى شهر بانو بنت كسرى فخُيّرت وخوطبت من وراء الحجاب والجمع حضور ، فقيل لها : مَنْ تختارين من خطّابك ، وهل أنت ممّن تريدين بعلاً ؟ فسكتت . فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : (( قد أرادت وبقي الاختيار )) .
وبعدها أومأت بيدها ، واختارت الإمام الحسين (عليه السلام) ، فأُعيد القول عليها في التخيير ، فأشارت بيدها ، وقالت : هذا إن كنت مخيّرة ، وجعلت أمير المؤمنين (عليه السلام) وليّها ، وتكلّم حذيفة بالخطبة . فتزوّجها الإمام الحسين (عليه السلام) ، وأنجبت له الإمام زين العبدين (عليه السلام) ، وقد أنشأ أبو الأسود الدؤلي في وصف الإمام زين العابدين (عليه السلام) بقوله :
وإنّ غلاماً بين كسرى وهاشم لأكرم من نيطت عليهiالتمائمُ
خطبتها في عالم الرؤيا روت السيّدة شهر بانو قصّتها لأمير المؤمنين (عليه السلام) فقالت : رأيت في النوم قبل ورود عسكر المسلمين علينا كأنّ محمّداً رسول الله (صلّى الله عليه وآله) دخل دارنا ، وقعد ومعه الإمام الحسين (عليه السلام) ، وخطبني له وزوّجني أبي منه ، فلمّا أصبحت كان ذلك يؤثّر في قلبي ، وما كان لي خاطب غير هذا ، فلمّا كانت الليلة الثانية ، رأيت السيّدة فاطمة (عليها السلام) وقد أتتني وعرضت عليّ الإسلام وأسلمت ، ثمّ قالت : (( إنّ الغلبة تكون للمسلمين ، وإنّك تصلين عن قريب إلى ابني الحسين (عليه السلام) سالمة لا يصيبك بسوء أحد )) ، وكان من الحال أن أُخرجت إلى المدينة . سؤال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) منها سأل الإمام علي (عليه السلام) شهر بانو بنت كسرى حين أُسرت : (( ما حفظت عن أبيك بعد وقعة الفيل؟ )) قالت : حفظنا عنه أنّه كان يقول : إذا غلب الله على أمر ذلّت المطامع دونه ، وإذا انقضت المدّة كان الحتف في الحيلة . فقال الإمام علي (عليه السلام) : (( ما أحسن ما قال أبوك ! تذلّ الأُمور للمقادير حتّى يكون الحتف في التدبير )) . وفاتها توفّيت السيّدة شهر بانو في الخامس من شعبان 38 هـ بالمدينة المنوّرة ، وذلك في نفاسها ، أي حين ولادتها للإمام زين العابدين (عليه السلام) .
السيّدة فاطمة بنت الإمام الحسن أم الإمام الباقر ( عليهما السلام )
اسمها وكنيتها ونسبها :
السيّدة أُمّ عبد الله ، فاطمة بنت الإمام الحسن بن الإمام أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) . مكانتها :
كانت من سيّدات نساء بني هاشم ، وكانت على مرتبة عالية من الجلال والكمال ، فهي بنت الإمام الحسن ، وزوجة الإمام زين العابدين ، وأُمّ الإمام الباقر ، فيكون الإمام الباقر ( عليه السلام ) أوّل هاشمي من هاشميين ، وعلوي من علويين ، وفاطمي من فاطميين ، لأنّه أوّل من اجتمعت له ولادة الحسن والحسين . حضورها كربلاء :
حضرت السيّدة فاطمة مع زوجها الإمام زين العابدين ( عيه السلام ) وابنها الإمام الباقر ( عليه السلام ) ـ البالغ من العمر أربع سنوات ـ واقعة الطف في يوم عاشوراء ، ورأت ما جرى على آل الرسول ( عليهم السلام ) في ذلك اليوم من مصائب ومحن ، فقد شاهدت مصرعَ عمّها الحسين ( عليه السلام ) ، وقتل أخيها القاسم وبقية آل البيت والأصحاب الكرام ، وشاهدت زوجها العليل مكبّلاً بالأغلال . ما ورد في الثناء عليها :
1ـ قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( كانت أُمّي قاعدة عند جدار ، فتصدّع الجدار ، وسمعنا هدّة شديدة ، فقالت بيدها : لا وحقّ المصطفى ما أذن الله لك في السقوط ، فبقي معلّقاً في الجوّ حتّى جازته ، فتصدّق عنها أبي بمائة دينار ) . 2ـ قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( كانت صديقة لم تدرك في آل الحسن امرأة مثلها ) . وفاتها :
توفّيت السيّدة فاطمة ( عليها السلام ) عام 117 هـ .
السيّدة فاطمة أمّ فروة (عليها السلام) بنت القاسم والدة الإمام الصادق (عليه السلام)
نسبها هي السيدة الجليلة فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، والدة الإمام الصادق (عليه السلام). كنيتها: أم فروة، وقيل: أم القاسم. وقد كانت (عليها السلام) من الصالحات القانتات، ومن أتقى نساء أهل زمانها. قال الإمام الصادق(عليه السلام): «وكانت اُمّي ممّن آمنت واتّقت وأحسنت والله يحب المحسنين»(1). وقال أبو الحسن الكاظم (عليه السلام): «كان أبي (عليه السلام) يبعث أمي وأم فروة تقضيان حقوق أهل المدينة»(2). وفي أعيان الشيعة: اُمّ فروة، وقيل: اُمّ القاسم، واسمها قريبة أو فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، واُمّها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، وهذا معنى قول الإمام الصادق (عليه السلام): «ولدني أبو بكر مرتين»(3) .
والدها كان أبوها: القاسم من ثقاة أصحاب الإمام علي بن الحسين زين العابدين(عليه السلام). قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كان سعيد بن المسيّب والقاسم بن محمد بن أبي بكر وأبو خالد الكابلي، من ثقات علي بن الحسين (عليه السلام)»(4). جدها وكان جدها محمد بن أبي بكر من خلص شيعة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وحواريه، وقد ولاه الإمام (عليه السلام) مصر وكتب إليه عهداً، ووالدته السيدة الجليلة أسماء بنت عميس (رضوان الله عليها). قتله معاوية بمصر، وقد ترحم أمير المؤمنين(عليه السلام) والإمام الصادق(عليه السلام) عليه.
فقهها روى الكليني في الكافي بسنده عن عبد الأعلى قال: رأيت اُمّ فروة تطوف بالكعبة عليها كساء متنكّرة، فاستلمت الحجر بيدها اليسرى، فقال لها رجل ممّن يطوف: يا أمة الله أخطأت السُنّة. فقالت: إنّا لأغنياء عن علمك. وعن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا دخلت الحرم فتناول من الإذخر فامضغه» وكان يأمر أم فروة بذلك
السيّدة حميدة المغربية (عليها السلام) والدة الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) نسبها هي السيدة حميدة المغربية (البربرية) بنت صاعد البربري. لقبها: لؤلؤة. وقد لقبها الإمام الباقر (عليه السلام) بالمحمودة، حيث قال لها: «أنت حميدة في الدنيا، محمودة في الآخرة»(1). ولقبها الإمام الصادق (عليه السلام) بالمصفاة من الأدناس(2). والسيدة حميدة من أهل بربر، وقيل: إنها أندلسية. وكانت من المتّقيات الثقاة. وكانت الملائكة تحرسها، كما في الحديث الشريف(3). وكان الإمام الصادق (عليه السلام) يرسلها مع اُمّ فروة لقضاء حقوق أهل المدينة. وكانت من أشراف العجم(4).
قصة زواجها وقصة زواج السيدة حميدة (عليها السلام) بالإمام الصادق (عليه السلام) تتضمّن كرامات عديدة، حيث ورد أنّ ابن عكاشة بن محصن الأسدي دخل على أبي جعفر(عليه السلام)، وكان أبو عبد الله (عليه السلام) قائماً عنده، فقدّم إليه عنباً، فقال: حبة حبة يأكله الشيخ الكبير والصبي الصغير، وثلاثة وأربعة يأكله من يظن أنه لايشبع، وكله حبّتين حبّتين فإنه يستحب. فقال لأبي جعفر (عليه السلام): لأي شيء لا تزوّج أبا عبد الله (عليه السلام)، فقد أدرك التزويج؟ قال: وبين يديه صرّة مختومة. فقال: سيجيء نخّاس من أهل بربر فينزل دار ميمون فنشتري لـه بهذه الصرّة جارية. قال: فأتى لذلك ما أتى. فدخلنا يوماً على أبي جعفر (عليه السلام)، فقال: «ألا اُخبركم عن النخّاس الذي ذكرته لكم؟ قد قدم، فاذهبوا فاشتروا بهذه الصرّة منه جارية». قال: فأتينا النخّاس، فقال: قد بعت ما كان عندي، إلاّ جاريتين مريضتين إحداهما أمثل من الاُخرى. قلنا: فأخرجهما حتى ننظر إليهما، فأخرجهما. فقلنا: بكم تبيع هذه الجارية المتماثلة؟ قال: بسبعين ديناراً. قلنا: أحسن. قال: لا أنقص من سبعين ديناراً. قلنا: نشتريها منك بهذه الصرّة ما بلغت ولا ندري ما فيها، وكان عنده رجل أبيض الرأس واللحية قال: فكّوا وزنوا. فقال: النخّاس: لا تفكّوا فإنّها إن نقصت حبّة من سبعين ديناراً لم اُبايعكم. فقال الشيخ: ادنوا. فدنونا وفككنا الخاتم ووزنا الدنانير فإذا هي سبعون ديناراً لا تزيد ولا تنقص. فأخذنا الجارية فأدخلناها على أبي جعفر (عليه السلام) وجعفر (عليه السلام) قائم عنده، فأخبرنا أبا جعفر (عليه السلام) بما كان. فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال لها: ما اسمك؟ قالت: حميدة. فقال: حميدة في الدنيا محمودة في الآخرة، أخبريني عنك، أبكر أنت أم ثيّب؟ قالت: بكر. قال: وكيف ولا يقع في أيدي النخّاسين شيء إلاّ أفسدوه؟ فقالت: قد كان يجيئني فيقعد منّي مقعد الرجل من المرأة فيسلّط الله عليه رجلاً أبيض الرأس واللحية فلا يزال يلطمه حتّى يقوم عنّي، ففعل بي مراراً، وفعل الشيخ به مراراً. فقال (عليه السلام): يا جعفر خذها إليك، فولدت خير أهل الأرض موسى بن جعفر(عليه السلام) راعيتها لزوجها وكانت السيدة حميدة مهتمة برعاية زوجها الإمام الصادق (عليه السلام). عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ولقد آذاني أكل الخل والزيت حتى إن حميدة أمرت بدجاجة مشوية فرجعت إلي نفسي». أولادها وقد رزقها الله من الإمام الصادق (عليه السلام)، مضافاً إلى الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام): إسحاق ومحمد وفاطمة. فقهها كانت السيدة حميدة فقيهة بمذهب أهل البيت (عليهم السلام)وكان الإمام الصادق(عليه السلام) يرجع النساء إليها في تعلم الأحكام الشرعية والسؤال عن المسائل الفقهية وما أشبه. عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال: قلت له: إن معنا صبيا مولوداً فكيف نصنع به؟ فقال (عليه السلام): «مر أمه تلقى حميدة فتسألها كيف تصنع بصبيانها». فأتتها فسألتها كيف تصنع؟ فقالت: (إذا كان يوم التروية فأحرموا عنه وجردوه وغسلوه كما يجرد المحرم، وقفوا به المواقف، فإذا كان يوم النحر فارموا عنه واحلقوا رأسه، ثم زوروا به البيت، ومري الجارية أن تطوف به بين الصفا والمروة
السيدة تكتم الطاهرة (عليها السلام) والدة الإمام الرضا (عليه السلام)
نسبها هي السيدة الجليلة نجمة (عليها السلام) والدة الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) . ومن أسمائها: (تكتم) بضم أوله وسكون الكاف وفتح التاء الفوقانية قبل الميم. و(طاهرة) و(أروى) و(سكن النوبية) و(سمان). وقيل: (خيزران المرسية)، وقيل: (صقر)، وقيل: (شقراء النوبية). كنيتها: أم البنين. من فضائلها روى الشيخ الصدوق(قدس سره) في العيون: تسمّى باسمها حين ملكها أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) وهي اُمّ ولده الإمام الرضا (عليه السلام)، كانت من أشراف العجم، جارية مولدة، وكانت من أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لمولاتها (حميدة المصفّاة) حتى أنها ما جلست بين يديها منذ ملكتها إجلالاً لها. فقالت لابنها موسى (عليه السلام): يا بني، إنّ تكتم جارية ما رأيت جارية قط أفضل منها، ولست أشك أنّ الله تعالى سيظهر نسلها إن كان لها نسل، وقد وهبتها لك، فاستوص خيراً بها، فلمّا ولدت لـه الرضا (عليه السلام) سمّاها الطاهرة. إن الله أمر بشرائها روي عن أبي الحسن الكاظم (عليه السلام) أنه قال: «والله ما اشتريت هذه الأمة إلاّ بأمر الله ووحيه». فسئل عن ذلك؟ فقال: «بينا أنا نائم، إذ أتاني جدّي وأبي، ومعهما شقّة حرير، فنشراها، فإذا قميص فيه صورة هذه الجارية، فقال: يا موسى، ليكوننّ من هذه الجارية خير أهل الأرض، ثم أمرني إذا ولدته أن اُسمّيه علياً، وقالا: إنّ الله تعالى يظهر به العدل والرأفة، طوبى لمن صدّقه، وويل لمن عاداه وجحده وعانده». ويستفاد من هذه الأخبار أنّ الجاريات اُمّهات الأئمة الأطهار (عليهم السلام)إنما يشترين بأمر الله تعالى، ولعلّ السرّ في ذلك هو إرادته سبحانه ـ بالإضافة إلى طهارتهنّ ـ إظهار أنه لا فرق بين الحرّة والأمة من هذه الجهة.
الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)يأمر بالزواج الطاهر روي أنّ حميدة اُمّ موسى بن جعفر (عليه السلام) لمّا اشترت نجمة رأت في المنام رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يقول لها: يا حميدة، هبي نجمة لابنك موسى (عليه السلام) فإنه سيلد لـه منها خير أهل الأرض فوهبتها له. قال علي بن ميثم: سمعت أبي يقول: سمعت أمي تقول: كانت نجمة بكراً لما اشترتها حميدة. عند ما حملت بالنور روى الشيخ الصدوق (رحمه الله) عن نجمة (عليها السلام) اُمّ الإمام الرضا (عليه السلام) أنّها قالت: لمّا حملت بابني علي لم أشعر بثقل الحمل وكنت أسمع في منامي تسبيحاً وتهليلاً وتمجيداً من بطني فيفزعني ذلك ويهوّلني، فإذا انتبهت لم أسمع شيئاً. فلمّا وضعته، وقع على الأرض واضعاً يده على الأرض، رافعاً رأسه إلى السماء، يحرّك شفتيه كأنه يتكلّم، فدخل إليّ أبوه موسى بن جعفر (عليه السلام)، فقال لي: «هنيئاً لك يا نجمة كرامة ربّك». فناولته إيّاه في خرقة بيضاء، فأذّن في اُذنه الأيمن وأقام في الأيسر، ودعا بماء الفرات فحنّكه، ثم ردّه إليّ، فقال: «خذيه فإنه بقية الله في أرضه». ولدت السيدة نجمة (عليها السلام) ولدها الطاهر الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يوم الجمعة بالمدينة المنورة، وقيل: يوم الخميس، لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين ومائة، بعد وفاة الإمام الصادق (عليه السلام) بخمس سنين، رواه ابن بابويه، وقيل: سنة إحدى وخمسين ومائة. في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) تولت السيدة الجليلة حميدة (عليها السلام) والدة الإمام الكاظم (عليه السلام) بتربية وتعليم السيدة نجمة (عليها السلام) حتى تعلمت الكثير من علوم آل محمد (عليهم السلام)، كما تربت وتعلمت من زوجها الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام). قمة الأدب كانت السيدة نجمة (عليها السلام) في قمة الأخلاق والأدب الإسلامي، وكانت أسوة حسنة للنساء في ذلك. فقد ورد: (أن تكتم كانت من أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لمولاتها حميدة المصفاة حتى أنها ما جلست بين يديها منذ ملكتها إجلالا لها).
السيّدة سبيكة (عليها السلام) والدة الإمام محمّد بن علي الجواد (عليه السلام) نسبها هي السيدة سبيكة النوبية (عليها السلام) والدة الإمام محمد بن علي الجواد(عليه السلام). ومن أسمائها أيضاً: (درة) و(خيزران) و(ريحانة). وقيل: (سكينة). كنيتها: (أم الحسن). ذكر الشيخ الكليني: أنّ اُمّ الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السلام) هي اُمّ ولد يقال لها: سبيكة نوبية. وروى: أنها (عليها السلام) كانت من أهل بيت مارية القبطية اُمّ إبراهيم ابن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم). وفي البحار: واُمّه اُمّ ولد تدعى (درّة) وكانت مرّسيّة أو مريسية ثم سمّاها الرضا (عليه السلام) : (خيزران).
من فضائلها كانت السيدة سبيكة (عليها السلام) من أفضل نساء زمانها، وقد أشار إليها النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم)بقوله: «بأبي ابن خيرة الإماء النوبية الطيّبة».
المعصوم (عليه السلام) يبلغها السلام وفي خبر يزيد بن سليط، وملاقاته للإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) في طريق مكة المكرمة وهم يريدون العمرة: قال الإمام أبو إبراهيم موسى الكاظم (عليه السلام): «إني اُؤخذ في هذه السنة، والأمر إلى ابني علي، سميّ علي وعلي. فأمّا علي الأول فعلي بن أبي طالب (عليه السلام). وأمّا علي الآخر فعلي بن الحسين (عليه السلام). اُعطي فهم الأول وحكمته وبصره وودّه ودينه ومحنته. ومحنة الآخر وصبره على ما يكره وليس لـه أن يتكلّم إلاّ بعد موت هارون بأربع سنين». ثم قال: «يا يزيد، فإذا مررت بهذا الموضع ولقيته وستلقاه، فبشّره أنه سيولد لـه غلام أمين مأمون مبارك وسيعلمك أنّك لقيتني، فأخبره عند ذلك أنّ الجارية التي يكون منها هذا الغلام جارية أهل بيت مارية القبطية جارية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإن قدرت أن تبلغها منّي السلام فافعل ذلك». عند ولادة النور روى ابن شهرآشوب عن حكيمة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)، قالت: لمّا حضرت ولادة الخيزران اُمّ أبي جعفر (عليه السلام)، دعاني الرضا (عليه السلام)، فقال لي: «يا حكيمة، احضري ولادتها وأخلني وإيّاها والقابلة بيتاً» ووضع لنا مصباحاً وأغلق الباب علينا. فلمّا أخذها الطلق طفي المصباح وبين يديها طست، فاغتمّت بطفي المصباح، فبينا نحن كذلك إذ بدر أبو جعفر (عليه السلام) في الطست وإذ عليه شيء رقيق كهيئة الثوب يسطع نوره حتى أضاء البيت فأبصرناه. فأخذته فوضعته في حجري ونزعت عنه ذلك الغشاء. فجاء الرضا (عليه السلام) ففتح الباب وقد فرغنا من أمره، فأخذه فوضعه في المهد وقال لي: «يا حكيمة، إلزمي مهده». قالت: فلمّا كان في اليوم الثالث رفع بصره إلى السماء، ثم نظر يمينه ويساره ثم قال: «أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أنّ محمداً رسول الله». فقمت ذعرة فزعة، فأتيت أبا الحسن (عليه السلام) فقلت: سمعت من هذا الصبي عجباً. فقال: «وما ذاك»؟ فأخبرته الخبر. فقال: «يا حكيمة، ما ترون من عجائبه أكثر».
السيّدة سمانة المغربية (عليها السلام) والدة الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)
نسبها هي السيدة سمانة المغربية (عليها السلام) ، والدة الإمام علي الهادي (عليه السلام) ومن أسمائها: (سوسن) و (منفرشة المغربية). كنيتها: (أم الحسن) و(أم الفضل). فضائلها كانت (عليها السلام) من أفضل نساء زمانها. وقد تولّى الإمام الجواد (عليه السلام) تربيتها وتهذيبها، فأقبلت على طاعة الله وعبادته، وكانت من القانتات المتهجّدات، والتاليات لكتاب الله، وكانت من التقوى والورع بحيث لا يقربها شيطان مارد. روي عن أبي الحسن الهادي (عليه السلام) أنه قال: «اُمّي عارفة بحقّي وهي من أهل الجنة، لا يقربها شيطان مارد، ولا ينالها كيد جبّار عنيد، وهي مكلوءة بعين الله التي لا تنام، ولا تختلف عن اُمّهات الصدّيقين والصالحين».
الزواج المبارك روى محمد بن الفرج بن إبراهيم قال: دعاني أبو جعفر محمّد بن علي(عليه السلام) فأعلمني أنّ قافلة قد قدمت وفيها نخّاس ومعه جوار، ودفع إليّ سبعين ديناراً، وأمرني بابتياع جارية وصفها لي، فمضيت وعملت بما أمرني، فكانت الجارية اُمّ أبي الحسن(عليه السلام). المولود الطاهر ولدت السيدة سمانة (عليها السلام) مولودها الطاهر الإمام الهادي (عليه السلام) في المدينة المنورة، وقيل في بصريا من يثرب في اليوم الخامس عشر من ذي الحجة، أو الثاني من رجب، سنة مائتين واثنتي عشرة، وقيل: في الثالث من شهر رجب عام مائتين وأربع عشرة للهجرة.
السيّدة حديث (عليها السلام) والدة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) نسبها هي السيدة (حُديث) (عليها السلام) والدة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) . ومن أسمائها: (سُليل) و(جدة). وقيل: (سمانة)، وقيل: (سوسن). من فضائلها كانت (عليها السلام) من العارفات الصالحات، وكفى في فضلها أنها كانت مفزع الشيعة بعد وفاة أبي محمد العسكري (عليه السلام) . فقد روى الشيخ الصدوق (رحمه الله) عن أحمد بن إبراهيم، قال: دخلت على حكيمة بنت محمد بن علي الرضا اُخت أبي الحسن صاحب العسكر (عليهم السلام)في سنة اثنتي وستين ومائتين، فكلّمتها من وراء حجاب وسألتها عن دينها فسمّت لي من تأتم بهم. ثم قالت: والحجة بن الحسن بن علي (عليه السلام) فسمته. فقلت لها: جعلني الله فداك معاينة أو خبراً؟ فقالت: خبراً عن أبي محمّد (عليه السلام) كتب به إلى اُمّه. فقلت لها: فأين الولد؟ فقالت: مستور. فقلت: إلى من تفزع الشيعة؟ فقالت: إلى الجدة اُم أبي محمد (عليه السلام). فقلت لها: أقتدي بمن وصيّته إلى امرأة؟ فقالت: اقتداء بالحسين بن علي(عليه السلام)، فإنّ الحسين بن علي (عليه السلام) أوصى إلى اُخته زينب بنت علي (عليها السلام) في الظاهر، فكان ما يخرج عن علي بن الحسين (عليه السلام) من علم ينسب إلى زينب (عليها السلام) ستراً على علي بن الحسين (عليه السلام). وقد أثنى عليها الإمام الهادي (عليه السلام) وأشاد بمكانتها وسمو منزلتها وكراماتها، فقال (عليه السلام): «سليل ـ وهو اسمها ـ مسلولة من الآفات والأرجاس والأنجاس». وروي عن العالم (عليه السلام) أنه لمّا دخلت سُلَيْل اُمّ الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) على الإمام الهادي (عليه السلام) قال: «سُلَيْل سلّت من كل آفة وعاهة، ومن كل رجس ونجاسة، ثم قال: لا تلبثين حتى يعطيك الله عزّوجلّ حجّته على خلقه الذي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً». المولود الطاهر روى العلامة المجلسي (رحمه الله) في بحاره: أنه كان مولد أبي محمد (عليه السلام) بالمدينة في شهر ربيع الأول سنة ثلاثين ومائتين واُمّه اُمّ ولد يقال لها حديثة.
السيّدة نرجس (عليها السلام) والدة الإمام المهدي المنتظر
نسبها هي السيدة نرجس (عليها السلام) بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، واُمّها من ولد الحواريين تنسب إلى شمعون وصي المسيح (عليه السلام). ومن أسمائها أيضاً: (مليكة) و(صقيل) و(سوسن) و(ريحانة) و(مريم). وقيل: (حكيمة)، وقيل: (خمط). ولكن أشهر أسمائها: (نرجس). وكنيتها: اُمّ محمد. الإمام الهادي (عليه السلام) يأمر بشرائها روى بشر بن سليمان النخّاس، وهو من ولد أبي أيّوب الأنصاري، أحد موالي أبي الحسن الهادي (عليه السلام) وأبي محمد العسكري (عليه السلام) وجارهما بسرّ من رأى، قال: كان مولانا أبو الحسن علي بن محمّد العسكري (عليه السلام) فقّهني في أمر الرقيق، فكنت لا أبتاع ولا أبيع إلاّ بإذنه، فاجتنبت بذلك موارد الشبهات حتى كمُلت معرفتي فيه، فأحسنت الفرق فيما بين الحلال والحرام، فبينما أنا ذات ليلة في منزلي بسرّ من رأى، وقد مضى هويّمن الليل إذ قرع الباب قارع، فعدوت مسرعاً فإذا أنا بكافور الخادم، رسول مولانا أبي الحسن علي بن محمد (عليه السلام) يدعوني إليه. فلبست ثيابي ودخلت عليه، فرأيته يحدّث أبنه أبا محمد (عليه السلام) واُخته حكيمة (عليها السلام) من وراء الستر. فلمّا جلست قال: يا بشر، إنك من ولد الأنصار، وهذه الولاية لم تزل فيكم، يرثها خلف عن سلف، فأنتم ثقاتنا أهل البيت، وإنّي مُزكّيك ومشرّفك بفضيلة تسبق بها شأو الشيعة في الموالاة بها: بسرّ اُطلعك عليه، واُنفذك في ابتياع أمة. فكتب كتاباً ملصقاً بخط رومي ولغة رومية، وطبع عليه بخاتمه، وأخرج شستقة صفراء فيها مائتان وعشرون ديناراً، فقال: خذها وتوجّه بها إلى بغداد، وأحضر مَعْبَر الفرات ضَحوة كذا. فإذا وصلت إلى جانبك السبايا، وبرزن الجواري منها، بهم طوائف المبتاعين من وكلاء قوّاد بني العباس، وشراذم من فتيان العراق، فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد على المسمّى عمر بن يزيد النخّاس عامّة نهارك إلى أن تبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا، لابسة حريرتين صفيقتين تمتنع من السفور ولمس المعترض والانقياد لمن يحاول لمسها، ويشغل نظره بتأمّل مكاشفها من وراء الستر الرقيق فيضربها النخّاس، فتصرخ صرخة رومية، فاعلم أنها تقول: وا هتك ستراه. فيقول بعض المبتاعين: عليّ بثلاثمائة دينار، فقد زادني العفاف فيها رغبة. فتقول بالعربية: لو برزت في زي سليمان (عليه السلام) وعلى مثل سرير ملكه ما بدت لي فيك رغبة، فأشفق على مالك. فيقول النخّاس: فما الحيلة، ولابدّ من بيعك؟. فتقول الجارية: وما العجلة؟ ولابدّ من اختيار مبتاع يسكن قلبي إليه وإلى أمانته وديانته. فعند ذلك قم إلى عمر بن يزيد النخّاس وقل له: إنّ معي كتاباً ملصقاً لبعض الأشراف، كتبه بلغة رومية وخطّ رومي ووصف فيه كرمه ووفاءه ونبله وسخاؤه، فناولها لتتأمّل منه أخلاق صاحبه، فإن مالت إليه ورضيته فأنا وكيله في ابتياعها منك. قال بشر بن سليمان النخّاس: فامتثلت جميع ما حَدِّه لي مولاي أبو الحسن (عليه السلام) في أمر الجارية. فلمّا نظرت في الكتاب بكت بكاءً شديداً، وقالت لعمر بن يزيد النخّاس: بعني من صاحب هذا الكتاب، وحلفت بالمحرجةالمغلّظة أنه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها. فما زلت أشاحه في ثمنها حتى استقرّ الأمر فيه على مقدار ما كان أصحبنيه مولاي (عليه السلام) من الدنانير في الشستقة (أي الصرّة) الصفراء، فاستوفاه منّي وتسلّمت منه الجارية ضاحكة مستبشرة، وانصرفت بها إلى حجرتي التي كنت آوي إليها ببغداد. أنا مليكة فما أخذها القرار حتى أخرجت كتاب مولاها (عليه السلام) من جيبها وهي تلثمهوتضعه على خدّها، وتُطبقه على جفنها وتمسحه على بدنها. فقلت تعجّباً منها: أتلثمين كتاباً ولا تعرفين صاحبه؟ قالت: أيها العاجز، الضعيف المعرفة بمحل أولاد الأنبياء (عليهم السلام)، أعرني سمعك وفرّغ لي قلبك. أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم. واُمّي من ولد الحواريين تنسب إلى وصي المسيح (عليه السلام) شمعون. اُنبّئك العجب العجيب: إنّ جدّي قيصر أراد أن يزوّجني من ابن أخيه، وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة، فجمع في قصره من نسل الحواريين من القسيسين والرهبان ثلاثمائة رجل، ومن ذوي الأخطار سبعمائة رجل، وجمع من اُمراء الأجناد وقوّاد العساكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر أربعة آلاف، وأبرز من بهو ملكه عرشاً مصوغاً من أصناف الجواهر إلى صحن القصر، فرفعه فوق أربعين مرقاة. فلمّا صعد ابن أخيه وأحدقت به الصلبان وقامت الأساقفة عكّفاً، ونشرت أسفار الإنجيل، تساقطت الصلبان من الأعالي فلصقت بالأرض، وتقوّضت الأعمدة فانهارت إلى القرار. وخرّ الصاعد من العرش مغشيّاً عليه، فتغيّرت ألوان الأساقفة وارتعدت فرائصهم، فقال كبيرهم لجدّي: أيها الملك، اُعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالّة على زوال هذا الدين المسيحي والمذهب الملكاني. فتطيّر جدّي من ذلك تطيّراً شديداً وقال للأساقفة: أقيموا هذه الأعمدة وارفعوا الصلبان وأحضروا أخا هذا المدبر العاثر المنكوس جدّه لاُزوّج منه هذه الصبيّة فيدفع نحوسه عنكم بسعوده. فلمّا فعلوا ذلك حدث على الثاني ما حدث على الأول، وتفرّق الناس، وقام جدّي قيصر مغتمّاً، ودخل قصره، واُرخيت الستور. الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)يخطبها من عيسى(عليه السلام) فرأيت في تلك الليلة كأنّ المسيح (عليه السلام) والشمعون وعدّة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدّي، ونصبوا فيه منبراً يباري السماء علواً وارتفاعاً في الموضع الذي كان جدّي نصب فيه عرشه، فدخل عليهم محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)مع فتية وعدّة من بنيه، فيقوم إليه المسيح (عليه السلام) فيعتنقه، فيقول (صلى الله عليه وآله وسلم): يا روح الله إنّي جئتك خاطباً من وصيّك شمعون فتاته مليكة لابني هذا، وأومأ بيده إلى أبي محمد (عليه السلام) صاحب هذا الكتاب. فنظر المسيح (عليه السلام) إلى شمعون، فقال له: قد أتاك الشرف، فصل رحمك برحم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). قال: قد فعلت. فصعد ذلك المنبر وخطب محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)وزوّجني منه، وشهد المسيح (عليه السلام) وشهد بنو محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)والحواريون. فلمّا استيقظت من نومي أشفقت أن أقصّ هذه الرؤيا على أبي وجدّي مخافة القتل، فكنت أسرّها في نفسي ولا اُبديها لهم. الإفراج عن أسرى المسلمين وضرب صدري بمحبة أبي محمد (عليه السلام) حتى امتنعت من الطعام والشراب، وضعفت نفسي، ودقّ شخصي، ومرضت مرضاً شديداً، فما بقي في مدائن الروم طبيب إلاّ أحضره جدّي وسأله عن دوائي. فلمّا برح به اليأس قال: يا قرّة عيني فهل تخطر ببالك شهوة فاُزودكها في هذه الدنيا؟ فقلت: يا جدّي أرى أبواب الفرج عليّ مغلقة، فلو كشفت العذاب عمّن في سجنك من أسارى المسلمين، وفككت عنهم الأغلال، وتصدّقت عليهم، ومننتهم بالخلاص، لرجوت أن يهب المسيح واُمّه (عليهما السلام) لي عافية وشفاءً. فلمّا فعل ذلك جدّي تجلّدت في إظهار الصحة في بدني، وتناولت يسيراً من الطعام، فسرّ بذلك جدّي، وأقبل على إكرام الأُسارى وإعزازهم. إسلامها فرأيت أيضاً بعد أربع ليال كأنّ سيدة النساء (عليها السلام) قد زارتني ومعها مريم بنت عمران (عليها السلام) وألف وصيفة من وصائف الجنان، فتقول لي مريم: هذه سيدة نساء العالمين، واُمّ زوجك أبي محمد (عليه السلام). فأتعلّق بها وأبكي وأشكو إليها امتناع أبي محمد (عليه السلام) من زيارتي. فقالت لي سيدة النساء (عليها السلام): إنّ ابني (عليه السلام) لا يزورك وأنت مشركة بالله وعلى مذهب النصارى، وهذه اُختي مريم (عليها السلام) تبرأ إلى الله تعالى من دينك، فإنّ ملت إلى رضى الله عزّوجلّ ورضى المسيح ومريم (عليهما السلام) عنك وزيارة أبي محمد (عليه السلام) إيّاك فقولي: (رحمه الله)أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ أبي محمّداً رسول الله(. فلمّا تكلّمت بهذه الكلمة ضمّتني سيدة النساء (عليها السلام) إلى صدرها، فطيّبت لي نفسي وقالت: الآن توقّعي زيارة أبي محمد (عليه السلام) إيّاك فإني منفذته إليك. فانتبهت وأنا أقول: وا شوقاه إلى لقاء أبي محمد. في لقاء الحبيب فلمّا كانت الليلة القابلة جاءني أبو محمد (عليه السلام) في منامي، فرأيته كأني أقول له: جفوتني يا حبيبي بعد أن شغلت قلبي بجوامع حبك؟ فقال: ما كان تأخيري عنك إلاّ لشركك، وإذ قد أسلمت فإنّي زائرك في كل ليلة إلى أن يجمع الله شملنا في العيان. فما قطع عنّي زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية. قصة الأسر قال بشر: فقلت لها: كيف وقعت في الأسر؟ فقالت: أخبرني أبو محمد (عليه السلام) ليلة من الليالي إنّ جدّك سيسرب جيوشاً إلى قتال المسلمين يوم كذا، ثم يتبعهم، فعليك اللحاق بهم متنكّرة في زيّ الخدم مع عدّة من الوصائف من طريق كذا. ففعلت، فوقعت علينا طلائع المسلمين حتى كان من أمري ما رأيت وشاهدت، وما شعر أحد بي بأنّي ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية سواك، وذلك بإطّلاعي إيّاك عليه. ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي، فأنكرته وقلت: نرجس. فقال: اسم الجواري. رومية تتكلم بالعربية فقلت: العجب إنك رومية ولسانك عربي؟ قالت: بلغ من ولوع جدّي وحمله إيّاي على تعلّم الآداب أن أوعز إلى امرأة ترجمانه في الاختلاف إليّ، فكانت تقصدني صباحاً ومساءً، وتفيدني العربية حتى استمرّ عليها لساني واستقام. البشرى بشرف الأبد قال بشر: فلمّا انكفأت بها إلى سرّ من رأى دخلت على مولانا أبي الحسن العسكري (عليه السلام)، فقال لها: كيف أراك الله عزّ الإسلام وذلّ النصرانية وشرف أهل بيت محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قالت: كيف أصف لك يا بن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ما أنت أعلم به منّي؟ قال: فإنّي اُريد أن اُكرمك، فإيّما أحب إليك: عشرة آلاف درهم؟ أم بشرى لك بشرف الأبد؟ قالت: بل البشرى. قال (عليه السلام) : فأبشري بولد يملك الدنيا شرقاً وغرباً، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. قالت: ممّن؟ قال (عليه السلام): ممّن خطبك رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)لـه من ليل كذا من شهر كذا، من سنة كذا بالرومية. قالت: من المسيح (عليه السلام) ووصيّه. قال: ممّن زوّجك المسيح (عليه السلام) ووصيّه؟ قالت: من ابنك أبي محمد (عليه السلام). قال: فهل تعرفينه؟ قالت: وهل خلوت ليلة من زيارته إيّاي منذ الليلة التي أسلمت فيها على يد سيدة النساء، اُمّه؟ علميها الفرائص والسنن فقال أبو الحسن الهادي (عليه السلام): يا كافور اُدع لي اُختي حكيمة (عليها السلام). فلمّا دخلت عليه قال لها: ها هيه. فاعتنقتها طويلاً، وسرّت بها كثيراً. فقال لها مولانا (عليه السلام): يا بنت رسول الله اخرجيها إلى منزلك، وعلّميها الفرائض والسنن، فإنها زوجة أبي محمد (عليه السلام) واُمّ القائم (عليه السلام).